عن الجوايز

في سبتمبر 2022، كسبت أول جايزة في حياتي: جايزة الأمير كلاوس للعاملين في مجال (global south)الثقافة فيما يسمى ببلدان الجنوب

أي البلاد اللي خارج الهيمنة الثقافية لأوروبا وأمريكا الشمالية. بعدها بشهرين تلاتة اترشحت لجايزة ديفيا وهي جايزة استُحدثت السنة دي للمعماريات فقط وتم ترشيحي ضمن 6 معماريات من مصر ونيجيريا وبيرو ورواندا وأمريكا. الموضوع ده كان جديد عليا لسببين. السبب الأول والأبسط إن انا طول حياتي المهنية باكره المسابقات وعلى عكس كثير من المعماريين ما بادخلش مسابقات وبما باحبش نوع التنافس اللي بيخلينا بنقيس نفسنا طول الوقت بمازورة الآخرين   – بس ده طبعّا مش معناه اني لو كنت دخلت مسابقات معمارية كنت هاكسب. أكاد أجزم إني عمري ما كنت هاكسب وده نتيجة السبب الثاني الأهم والأعقد اللي خلاني عمري ما تصورت إني ممكن أكسب جايزة في مجالي وهو إني ماليش مجال. شغلنا فمن وقت ما أسسنا جمعية الفكر العمراني-مجاورة سنة 2011 – وبالتالي شغلي – واقع بين مجالات كتير. لا انا أثرية ولا أنا مرممة ولا باشتغل في مشاريع معمارية صرف. وفي أول شغلنا في جمعية الفكر العمراني-مجاورة كان صعب إقناع عالم الثقافة إن العمارة والتراث جزء من المشهد الثقافي. وكنا ممكن ندي شوية على تنمية لكن أكيد ما كناش داخلين في صميم مجال التنمية 

لكن اللي كنا مش مدركينه – وإحنا منهمكين في الثورة المصرية وكل تحدياتها – إننا كنا جزء من ثورة ثانية بتستوي على الهادي وبتعيد صياغة مفاهيم مهمة في مجال التراث والعمران

في نهاية 2011 لما ابتدينا نصيغ مبادرة الأثر لنا في إطار رؤية عامة للتراث كمحرك للتنمية، ما كناش نعرف إن تقريبًا في نفس الوقت يونسكو كانت بتعلن عن توصيات المناظر الحضرية (Historic Urban Landscapes)التاريخية

اللي بتدعو لنفس التوجه لاستدامة التراث عن طريق ربطه بالمجتمع والبيئة واللي بتربط بين الحفاظ على التراث كمورد وبين الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية 

دي مش صدفة – ولا هي صدفة إن بعد السنين دي كلها شغلنا اللي هو لا تراث ولا عمران ولا تنمية يترشح لجايزة عمارة وقبلها ياخد جايزة للعمل الثقافي. لأن شغلنا بيبتدي وينتهي في محاولة مستمرة للتعامل مع تحديات حقيقية بطريقة أخلاقية ومنجزة قدر الإمكان وبالتالي بينتج منهجيات متجذرة في مشاكل حقيقية وحلول برجماتية. ونوع الشغل ده – وفيه كثير غيرنا في العالم بيمارسوه – بيجرب كثير ويصيب كثير ويخيب أكثر. والتجارب بتطَلَّع منهجيات ممكن بطريقة تراكمية تصبح نظريات – مش العكس. وللسبب ده بنسمع كثير مقولة إن مستقبل المدن

مش لندن وباريس – مستقبله القاهرة ومومباي – مش بس علشان مشاكل النهاردة في المدن دي هي مشاكل أغلب المدن في المستقبل – كمان علشان الحلول اللي طالعة منها هي حلول المستقبل – حلول بتشتغل عليها مؤسسات زي أشغال عامة في لبنان

والمعهد الهندي للمستوطنات الإنسانية (Indian Institute of Human Settlements)

 والمركز الأفريقي للمدن (African Centre for Cities)

حلول بسيطة وإبداعية وقليلة التكلفة وغير مركزية. هي حلول رغم مقياسها المحدود تُعتبر حلول استرشادية ممكن تتمنهج وتتعمم على المدى البعيد. وللسبب ده – وبسبب شغل فريق جمعية الفكر العمراني – مجاورة الدؤوب والمبدع، بنلاقي نفسنا بعد سنين من التوهان في البرزخ بين العمارة والعمرات والتراث والثقافة – بنترشح لجوايز. وللسبب ده برضه، بنلاقي نفسنا كمجاورة داخلين في مغامرة جديدة مع 10 طوبة ومكتب منصور لصياغة تجاربنا وتحويلها لمناهج تعليمية بنجمع فيها المهارات والمعارف المطلوبة لممارسة العمل في المجال اللي مش مجال: مجال تحسين العمران مع الحفاظ عليه كمورد بيئي ومجتمعي وثقافي واقتصادي.

ميّ الإبراشي


Leave a comment

Design a site like this with WordPress.com
Get started